مجلة الدوحة القطرية في
عددها 33 تنشر مقابلة مع د. افرام عيسى
يوسف
اجرت
الحوار في باريس:هدى الزين، كاتبة من لبنان
البروفسور
والمؤرخ العراقي الأصل د. افرام عيسى يوسف
يؤرخ للحضارات في بلاد الرافدين في مؤلفات عديدة صادرة بالفرنسية.يعتبر الفيلسوف
والمؤرخ أفرام عيسى يوسف الذي يقيم منذ أكثر من ثلاثين عاما في باريس من
الشخصيات العراقية البارزة في الحقل الثقافي الفرنسي . وقد أصدر العديد من المؤلفات والبحوث والكتب
التاريخية والأدبية خاصة ما يتعلق بالحضارات الإنسانية والفلسفة .
ولد الدكتور افرام يوسف في قرية (سناط ) التابعة لمدينة زاخو عام 1944 في محافظة دهوك شمال العراق, وأكمل دراسته الإعدادية في مدينة الموصل, بعدها انتقل إلى لندن ومن هناك بدأت رحلة الغربة حيث استقر خيرا في فرنسا.
ولد الدكتور افرام يوسف في قرية (سناط ) التابعة لمدينة زاخو عام 1944 في محافظة دهوك شمال العراق, وأكمل دراسته الإعدادية في مدينة الموصل, بعدها انتقل إلى لندن ومن هناك بدأت رحلة الغربة حيث استقر خيرا في فرنسا.
حصل في فرنسا على شهادة الدكتوراه في الحضارات
القديمة من جامعة نيس ودكتوراه في الفلسفة
من جامعة تولوز وعلّم فيها سنتين عديدة ..
استقر في باريس منذ عام 1992، يعلم و يحاضر في المعاهد و المراكز و الجامعات
الباريسية, ويعمل منذ 15 سنوات مديرا لقسم الشرق الأوسط
والمغرب العربي في دار لارماتان إحدى كبريات دور النشر الفرنسية .
من مؤلفات الدكتور افرام
يوسف باللغة الفرنسية
* عطور الصبا في سناط ،وهي
قرية مسيحية ولد فيها المؤلف في كردستان العراق
*بلاد الرافدين جنة الأيام الخوالي .
* الفلاسفة و المترجمون السريان.
* ملحمة د جلة و الفرات.
* المؤرخون السريان.
* إزهار الفلسفة عند
السريان.
*أزمنة في بلاد الرافدين.
* المؤرخون السريان
يتكلمون عن الحروب الصليبية.
* الدن الساطعة في بلاد الرافدين العليا
* صلاح الدين الايوبي
وملحمة الايوبيين
ترجمت عدة كتبه إلى اللغة
العربية والتركية.
- له مقابلات و محاضرات تلفزيونية
و صحفية و إذاعية في هذه الوسائل الفرنسية.
- اشترك في عدة مؤتمرات
دولية، في تونس،و إنكلترا ، و سويسرا،و بلجيكا ألمانيا،وسويد. و ألقى محاضرات
متعددة في كل من هذه الدول.
له مقابلات صحفية و
إذاعية في وسائل الإعلام العربية المتعددة.
-
*احد الأعضاء المؤسسين لمجمع الدراسات السريانية في باريس.
* عضو في إدارة تحرير
مجلة الدراسات الكردية.
*عضو في اتحاد الكتاب الفرانكوفونية،
الناطقين بالفرنسية
****
المقابلة
في
باريس ، كان لنا معه هذا الحوار الذي أضاء الكثير من جوانب شخصيته وأعماله ودوره
في في حوار الثقافات والحضارات ، وفي
إثراء حركة ألترجمة والتعريف بالكتاب العرب
باللغة الفرنسية من خلال موقعه
كمدير لقسم الشرق الأوسط والمغرب العربي في
دار النشر لارماتان الباريسية .
س - هل
لك ان تحدثنا عن أخر مؤلفاتك التي صدرت مؤخرا باللغة الفرنسية وبالذات كتابكم عن الحملات الصليبية من وجهة نظر السوريان والتي غيرت الصورة المسبقة عن حرب الصليبيين التي اعتبرها المؤرخون حروبا دينية
في منطقة الشرق الأوسط ؟
ج- فعلا صدر لي كتاب بعنوان ( الحملات الصليبية
حسب رؤية المؤرخين السريان) .وفيه أتحدث عن السريان اللذين كانوا موجودين
في بداية الحملات الصليبية في القرن الحادي عشر ، واللذين رأوا وعاشوا الحملات الصليبية التي تجسدت بسبعة
حروب. وكتبوا عنها بلغتهم السريانية بدون أن يكونوا منتمين إلى أي تنظيم أو الى ملوك
أو خلفاء، بل كتبوا بطريقة غير منحازة بلغتهم السريانية لأبناء شعبهم وللمستقبل. ولذلك كتبوا تاريخ الحملات
الصليبية والحوادث والأشخاص بطريقة أكثر
حيادية مما قدمه المؤرخون الآخرون .
اهتم
الفرنسيون بالكتاب بعد أن صدر بالفرنسية وقامت شركة "فناك" الفرنسية الشهيرة للكتب بتحضير أمسية
خاصة بوسائل إعلامية و ملصقات جداريه كبيرة. واختارت هذا الكتاب كإبداع هام لهذه
السنة. و دار حوار كبير بين المؤلف و الجمهور، حضره عدد
كبير من القراء الفرنسيين من أساتذة و كتّاب و محبيّ التاريخ. وتطرقتُ
في هذه الندوة حول رؤية المؤرخين السريان مثل ميخائيل الكبير والرهاوي المجهول وبن
العبري لتلك الحقبة التاريخية العسيرة. كما كتبت صحيفة "اللوموند دبلوماتيك"
عن الكتاب بحثا عنه معتبرة هذا الكتاب من
أفضل الكتب التي صدرت عن هذا الموضوع .
فقد كان
سائدا بان الحملات الصليبية كأنها حروب وصراع أديان ، ولكن حسب المؤرخين السريان كانت
تلك الحملات مجرد غزو غربي للمناطق في الشرق الأوسط . وحتى الدويلات التي تاسستْ
بهذا الغزو الصليبي، سواء منها "دويلة
الرها" أو "مملكة القدس"
أو "إمارة إنطاكية" كانت مجرد دويلات صغيرة وفي جزء صغير من الشرق
الادنى .
وحاليا أنهيتُ من مراجعة ترجمة هذا الكتاب إلى
اللغة العربية وسوف يصدر عن دار الطليعة ببيروت .
س ـ أصدرتم كتابا يحمل القارئ برحلة إلى منابع الثقافة السريانية وآفاق التطور الحضاري فيها هل لكم إعطائنا فكرة
عن هذا الكتاب ؟
ج ـ الكتاب الأخير الذي أصدرته
بالفرنسية منذ سنة ( هو المدن الساطعة
في بلاد الرافدين) وهو رحلة إلى منابع
الثقافة السريانية ويروى قصة ثماني مدن كأنها ثمانية نجوم سماوية برزت في منطقة واسعة من بلاد ما بين النهرين العليا. أربعة ،منها هي
ألان في تركيا مثل :الرها أو أرفا
وينابيعها الرقراقة ، نصيبين مدينة المعرفة والنور ، وأميد أو ديار بكر و أسوارها
الشهيرة ، وماردين مدينة الشمس الذهبي. هذه المدن
العريقة تاريخيا , ففي بلاد الرافدين
العليا من الجهة الغربية بدأت في المرحلة
الأولى بتدجين الحيوان واختراع الفنون الأولية والزراعية لأنها كانت تقع بين الجبل
وبين السهل مثل مدينة الرها , ومدينة آميدا التي تسمى اليوم ديار بكر . وأيضا
ماردين ونصيبين وهي مدن عريقة وقديمة وفها منابع الثقافة السريانية.
ومن الجهة الشرقية في العراق، هناك
مدينة أربيل التي تعود للقرن
الرابع قبل الميلاد والى ألان استمر العيش فيها ، وأيضا تكلمت عن مدينة كركوك الشهيرة بالنفط وإنتاج النفط إلا أنها
تعتبر من المدن التاريخية القديمة وازدهرت
في عهد السلوقيين وهي إحدى المدن الرئيسية
و وأيضا ذكرت مدينة السليمانية ومدينة دهوك ، وهي بمجملها تعتبر مدن
ثقافية قديمة ونشيطة اليوم أدبيا واقتصاديا
.
س- بعد سنوات من الكتابة باللغة الفرنسية،بدأت
ترجمة كتبك تصل الى القارئ العربي ، اذ
صدر لكم مؤخرا بدمشق عن دار المدى الترجمة
العربية لكتاب ( الفلاسفة والمترجمون
السريانيون ) وكان قد صدر عن دار لارماتان
قبل خمس سنوات. حدثنا عن هذا الكتاب
الذي يطرح اهمية دور المترجمين
السريان في نقلهم للعلوم والفلسفة
اليونانية إلى العربية خصوصا في فترة ازدهار بغداد ؟
ج- يتطرق هذا الكتاب( الفلاسفة والمترجمون السريانيون
) عن دور الثقافي
للسريان، اللذين عاشوا في الدولة البيزنطية
والدولة الساسانية من القرن الثاني للميلاد إلى مجيء العرب في القرن السابع
. وكان السريان اللذين عاشوا في الدولة البيزنطية
مثل نصيبين والرها وأميد ورأس العين وإنطاكيا ، يتكلمون اللغة السريانية وعلمائهم
يتقنون اليونانية ، لذلك ومنذ القرن الرابع والخامس الميلادي بداؤوا يترجمون الأعمال
اليونانية إلى اللغة السريانية
لكى يعلموا أولادهم في مدارسهم
العلوم اليونانية. وقد ترجموا في البداية
الكتب الدينية والطب مثل كتب جالينوس وابوقراطس. وكذلك ترجموا في حقل الفلسفة
كتب أفلاطون وارسطوطاليس ونيقولا
الدمشقي وفرفوريس إلى اللغة السريانية. وفي عهد الخلفاء العباسيين منذ سنة 762 ,
حيث أسست بغداد، ازدهرت الفلسفة والترجمة في بغداد، و ازهرت
الفلسفة انذاك على يد المترجمون السريان في زمن هارون الرشيد والمهدي والخلفاء الآخرون وخاصة في بيت الحكمة في عهد المأمون. وكان
مدراء بيت الحكمة لردهة من الزمن الفيلسونان حنين ابن اسحق و يوحنا ابن ماسويه.
وكان العرب في ذلك الوقت، قد اكتشفوا أهمية العلوم اليونانية وأهمية الفلسفة والطب
عند اليونانيين . فطلبوا من الأشخاص اللدن
كانوا يعرفون اللغة اليونانية بترجمة هذه المؤلفات إلى اللغة العربية. وكان من أهم
المترجمين حنين بن اسحق من القرن التاسع وابنه اسحق ابن حنين وابن أخته ابن الأعصم. وهؤلاء المترجمون الكبار ترجموا من
اليونانية إلى العربية ومرات عديدة من اللغة السريانية للعربية واذكر
من المترجمين السريان أيضا متى بن يونس ويحي بن علي من القرن العاشر،
وهؤلاء قاموا بترجمة كتب فلسفية من
اليونانية إلى العربية أو من السريانية إلى العربية . وبعدها ازدهرت في العالم العربي العلوم
والفلسفة وظهر العديد من العلماء والمفكرين
والفلاسفة العرب اللذين عرفوا ماهية الفلسفة ومقوماتها مثل ( الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد ) ودخلت الفلسفة بكل معنى الكلمة في
العالم العربي مع معانيها ومفرداتها وتحققت نهضة فلسفية في ذلك العصر من تاريخ العرب .
و
ترجمتْ هذه الترجمات العربية فيما بعد، إلى اللغة اللاتينية في طليطلة في الأندلس
ومنها انطلقت إلى الغرب . وقد تحدثتُ في الكتاب كيف وصلت الترجمات إلى الغرب عبر
الشرق العربي أولا وثم الأندلس
ومنها إلى الغرب. و أردتُ بتأليفي هذا الكتاب ان
أعطي للكتّاب والمترجمين السريان حقهم ودورهم التاريخي في الترجمة وفي نقل العلوم والفلسفة والطب الى الحضارة
الغربية .
س- كتابك الأول الذي أصدرته في باريس عام 1993 بعنوان (عطور الصبا في سناط ). هل أردت من خلال
رواية حكايات الطفولة والسيرة الذاتية تأريخ
قرية أصبحت اليوم ممحية تماما من
الوجود أصبحت مجرد حكايات وذكريات في
الذاكرة والكتاب ؟
ج ـ كتابي
الأول كان
عطور الصبا في سناط . يتحدث الكتاب عن
قرية في محافظة دهوك في شمال العراق في
قضاء زاخو بالقرب من الحدود العراقية التركية . ومأساة هذه القرية انه في عام 1976
صدر قرار من الحكومة العراقية يأمر بحذف وبهدم القرى التي كانت قريبة عن الحدود
التركية، وقريتي سناط من بين 182 قرية مسيحية كلدانية وآشورية أزيلتْ عن الوجود
نهائيا . ويتحدث الكتاب عن القرية سناط من خلال صبي يتكلم
و يشرح الحياة اليومية التي عاشها في القارية . وقد الفتُ الكتاب للفرنسيين خاصة، وذلك
لأنهم كانوا يسألونني دوما من أين أنت؟ وعندما كنت أرد الجواب بأنني عراقي كانوا
يقولون إذن أنت عربي. وبعد ان انفي ذلك
كانوا يردون إذن أنت كردي ؟ فأجيبهم كلا انأ لست كرديا بل انأ أشوري كلداني. لذلك
اضطررت إلى تأليف كتاب عطور الصبا في سناط الذي يتحدث عن الحياة اليومية
في قرية من قرانا الكلدو آشورية في شمال العراق، تتحدث اللغة السريانية. واذكرُ
فيه العادات والتقاليد والمراسيم من الولادة والزواج والوفاة.
كما أصف المواسم التي لها علاقة في الزراعية
وعاداتنا الجميلة الخاصة مثل حلب الغنم
و المعز للمرة الأولى والثانية "يكدان وددان" وأيضا الأعياد المسيحية الرئيسية مثل الميلاد والقيامة وعيد الانتقال . والهدف هو
تعريف الفرنسيين بهذا الشعب من الناحية الأثنولوجية
لكي يعرف القارئ ان هذا شعب خاص وشعب عريق. له لغته التي هي سريانية و له ديانته التي هي المسيحية ولهم تراث خاص بهم . وهم يعيشون في هذه
المناطق قبل فجر المسيحية
وهم أيضا أحفاد شعوب ما قبل المسيحية.
ولم أكن أتوقع نجاحا كبيرا لهذا الكتاب، لكن
الناشر ابلغني بنفاذ الطبعة الأولى خلال ستة أشهر لذلك اعيد طبعه للمرة الثانية والثالثة. وتلقيت رسائل من القراء تتساءل هل ان هذا
الصبي لم ينمو؟ . وبعدئذ الّفتُ كتابي الثاني الذي هو ) بلاد
الرافدين جنة الأيام الخوالي (.
س- هل زرت مسقط راسك سناط قبل
ان تصبح مجرد ذكرى وتاريخ في الذاكرة الإنسانية
؟
ج- حاولت زيارة مسقط راسي قريتي سناط قبل 5 سنوات عندما ذهبت إلى منطقة زاخو،فذهبت إلى
قرية "دشتتاخ" حيث تسكنها بعض العائلات
السناطية. وكان من الصعوبة الوصول الى سناط لأنه ليس هناك مواصلات في المنطقة ، الجبال وطرق عالية وعرة وتستدعى المشي لمدة ساعتين
ونصف. ولأسباب امنية لم أتمكن الوصول الى
القرية ، واكتفيت بالتقاط بعض الصور للمنطقة ، وإنا أتمنى بناء هذه القرية من جديد نظرا للجمال
المذهل في طبيعتها . إن الملك غازي ملك العراق في فترة الثلاثينات قام بزيارتها
لأنها كانت قرية رائعة الجمال وكانت
وسائل الإعلام تطلق عليها في تلك الفترة
لقب "حسناء الجبال"
س – حدثنا عن تطور الحضارات في بلاد الرافدين التي
تناولتها في كتبك الذي أرخّت لبلاد
الرافدين ؟ في كتبكم ملحمة دجلة والفرات ؟ وفي كتاب جنة الأيام الخوالي التي هي
تكملة لرحلة الشاب في بلاد آشور القديمة ؟
ج- تكلمت في الكتاب عن حضارة بلاد الرافدين التي وشبهتها بطبقات حضارية ، بدأت
بالسومريين من الإلف الرابع قبل الميلاد
إلى الألف الثالث قبل الميلاد . وهم رواد الحضارة، فقد اخترعوا الكتابة والعلوم والفنون. وبعد السومريين
جاء الأكاديون في الإلف الثالث قبل الميلاد وأسسوا إمبراطورية واسعة في العراق
الحالي وانتشرت اللغة الأكادية بحيث استخدمها بعدئذ الأشوريون والبابليون والكلدانيون وأصبحت لغة الشرق الأوسط . ثم حكم
الأشوريون في بداية الألفية الثانية وكانت نينوى عاصمتهم ، وحكموا المنطقة إلى أن جاء غزو الميديين، واحتلتْ
نينوى وهدمت سنة612.
وفي الالف الثاني قبل الميلاد وفي
وسط البلاد، حكم بابل البابليون، وملكهم حمورابي الذي تميز بشريعته المعروفة "بشريعة
حمورابي" البابلية. وبرز أيضا الكلدان الذين حكموا بابل وكانت لهم علاقات
مباشرة مع الآراميين لأنهم استخدموا مع اللغة الاكدية اللغة الآرامية أيضا، لذلك نجد الحضارات في بلاد الرافدين جاءت كحلقات عديدة منها السومرية و والأكادية ثم الأشورية وبعدها البابلية والكلدانية. هذه الحضارات تناغمت وانتظمت وجعلت
بلاد الرافدين مهدا وأرضية خصبة للحضارات. لقد تركت لنا ما يقارب من نصف مليون لوحة مسمارية، نتمكن
بواسطتها معرفة تاريخ العلوم الآداب والفكر والحكمة والملاحم في بلاد الرافدين.
والتي هي منبع لحضارات وشعوب عريقة.
وفي كتابي جنة الأيام الخوالي الذي هو الآن موضوع بحث في جامعة السوريون
لنيل شهادة "الماستر"، يتحدث الكتاب عن
شاب يكتشف شمال بلاد الرافدين, بلاد آشور
القديمة، حيث يبدأ بمدينة آشور العاصمة الأولى ويكتشف كيف ان من هذه المدينة نبع هذا الشعب العريق الأشوريون وطوروا إمبراطورية
واسعة الأطراف ثم يزور
شمالا ويكتشف العواصم الاشورية الثلاثة الأخرى كالح وخرساباد و نينوى العريقة . ويتحدث في كل زيارة بأسلوب أدبي وتاريخي عن تاريخ كل واحدة
منها. وبنفس الوقت
يحاول استرجاع عبر التاريخ للحاضر والمستقبل.
وفي قسم ثاني من الكتاب، يزور
المدن والقصبات الكلدانية والسريانية
مثل تلكيف وقرقوش وبرطلة وعنكاوة والقوش، ويتكلم عنها بأنه لا تزال خمس مدن في آشور القديمة لغتها
الان هي آرامية سريانية , يسكنها شعب قديم لا زال حيا بأحفاده المعاصرين . وينتهي الكتاب بعودة الشاب إلى جبله والى قريته سناط التي تتحدث
باللغة السريانية الحديثة.
س-
أصدرتم حتى ألان عشرة كتب في الحضارة
والفلسفة وفي التواريخ خاصة، وإنكم أصدرتم كتابا ضخما في التأريخ وتُرجم الى التركية ما أهمية ترجمة
كتبكم إلى لغات أخرى كالعربية والتركية ، خاصة وانتم تكتبون بالفرنسية ؟
ج – لقد أصدرت كتبا في مجال
التواريخ وهو "التواريخ السريانية" التي تروي أحداث من القرن الثاني إلى
القرن الرابع عشر.و يعتبر هذا الكتاب مصادرا للبحث والدراسات. وقد ترجم الى اللغة
التركية . و أجد الآن اهتماما بترجمة
كتبي إلى التركية، ولها نوع من الرواج في المكتبات التركية، كما تُرجمت لي ايضا
أربعة كتب إلى العربية.
س- لماذا تكتب بالفرنسية، وأنت متمكن باللغة لعربية؟
ج- أولا انأ اعمل مديرا لبغض الأقسام
في دار نشر فرنسية كبرى وهي "دار لارماتان" ، لذلك أجد سهولة في
نشر أعمالي بالفرنسية . وهذا امتياز في دار لارماتان . أما السبب الأخر هو أن
القارئ الغربي يريد أن يعرف تاريخنا وحضارتنا وتراثنا الشرقي ، لذلك اكتب له بلغة
غربية مباشرة
وعلينا أن نعّرفه، ككتاب عرب وغير العرب، على تاريخنا بطريقتنا وبأسلوبنا ،
وبما أنني اعرف اللغة الفرنسية فأريد أن استعمل اللغة كوسيلة إيصال للفكر والثقافة
والحضارة وحساسية الشرق إلى الغرب بلغتهم الفرنسية .
هل لازالت اللغة السريانية تستخدم حتى اليوم ؟
ج ـ بدأت الكتابات الأولى السريانية في مدينة الرها في نهاية القرن الأول الميلادي ثم بدأت شريحة
كبرى من الكتاب في الشرق الأوسط يكتبون
باللغة السريانية في حقل الدين
والفلسفة الطب والأدب والعلوم ثم تقلصت
اللغة مع الفترة العثمانية . وظهرت فيما بعد اللغة السريانية الحديثة أو المعاصرة ، موجودة ألان في خمس مدن
في شمال العراق. ولازالت انتاجات عديدة تصدر من نشر وتأليف باللغة السريانية
الحديثة، وتُدريس في مدارس عديدة في إقليم كردستان العراق. وكتابي ملحمة دجلة والفرات الذي هو كتاب عن
حضارة الرافدين يُترجم حاليا الى هذه اللغة وقد نقله المترجم من اللغة العربية .
كما ان في شمال العراق قناتين فضائيتين :
قناة عشتار وقناة آشور ومراكز ثقافية وغيرها. وألان في فرنسا وفي الكوليج دو فرانس
بالذات، أسسنا مجمع الدراسات السريانية في باريس ونعقد مؤتمرا سنويا حول موضوع معين وفي نهاية المؤتمر نصدر كتابا، وحتى
ألان أصدرنا ثمانية مؤلفات لتلك المؤتمرات .
س- كمدير في دار لارماتان ما هو دوركم في ترويج الثقافة العربية للكتاب
الشرق الأوسط والمغرب العربي ؟
ج ـ أردت من خلال موقعي في مؤسسة "لارماتان"
للنشر فتح حقل للمفكرين والشعراء والروائيين العرب، لأنه هناك إبداع هام في العالم
العربي، يجب إيصاله الى القارئ الغربي وخصوصا باللغة الفرنسية ، والمهم هو إن يكون
الكتاب جيدا ون يروج للانفتاح الثقافي والتناغم بين الشعوب والتسامح بين الأديان .
ما هو الكتاب القادم الذي تحضره
والذي عرفنا انه سيكون جديدا وهاما ؟
ج- الكتاب القادم سيكون عن صلاح الدين الأيوبي والسلالة الايوبية بناءً على مصادر اللغة السريانية
وتواريخها التي كتبت عن شخص شهير، هو صلاح الدين الأيوبي الذي قدمته المصادر
العربية والغربية وكل منها اخذ جانبا معينا. أما السريان فقد كتبوا عن صلاح
الدين بحيادية بناء على تواريخهم ومصادرهم وتناولوا فيها
حياته وفتوحاته وانجازاته العديدة في التعليم والبناء وهي تعطي صورة أخرى ومختلفة تضاف إلى ما كتب
عنه وعن سلالة الايوبيين في المصادر
العديدة سواء منها العربية آو الغربية .